الخميس، 13 يناير 2011

لا تفضح ولدك

لا تفضح ولدك


لا تفضح ولدك

دار هذا الحوار بين أكرم ووالده:

الوالد: كم تبقى معك من النقود يا أكرم بعد أن اشتريت اللبن؟

أكرم: لم يتبقى شيء.

الوالد متعجبًا: كيف؟ من المفترض أن يكون هناك نقود متبقية.

أكرم في لامبالاة: لقد اشتريت بها حلوى.

الوالد وقد بدت عليه علامات الغضب: ماذا؟! فعلت ذلك بدون إذني، أنت ولد سيئ قليل الأدب، وسأعلمك كيف لا تفعل ذلك مرة أخرى.

ثم قام الوالد غاضبًا وأحضر عصاه، وانهال على أكرم ضربًا.

رد الفعل المباشر وتعديل السلوك:

يميل بعض الآباء عند رؤية سلوكيات أبنائهم السيئة، إلى الصراخ والضرب، وإذا أردنا أن نشبه تلك التصرفات للآباء، فهي تشبه البنزين عندما يوضع على النار، فلا يزيدها إلا اشتعالًا، (وإذا أراد الآباء لنار السلوكيات السيئة أن تنطفئ، فإن لذلك سبيل واحد هو التوقف عن التوبيخ والصراخ، والبداية في طريقة أخرى للعلاج ـ فلا تُصحِح الأخطاء عبر التحقير والتشهير والسخرية، ولا تعطي محاضرات التوبيخ والغضب، ولا الضرب أيضًا ـ هذه الطريقة الجديدة تكون عبر الفهم لدوافع تلك السلوكيات السيئة وما وراءها) [اللمسة الإنسانية، محمد محمد بدري، ص(133)].

إن الخطأ أيها الآباء لا يزال بخطأ مثله، فابنك الحبيب بشر، والبشر يخطئ كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، إذًا فيجب أن تعلم أيها الوالد أن ابنك عندما يخطئ، فذلك شيء لا يُعد جريمة كبرى، بل إن هذا طبيعي لأن ابنك لا زال عمره صغير، ويحتاج إلى من يرشده إلى الأفعال الحسنة، ويبعده عن الأفعال السيئة.

والسؤال الذي يدور في ذهنك الآن، كيف أتعامل مع السلوك السيئ لولدي؟

هناك بعض الأشياء التي يجب أن تتحلى بها وأنت تعالج السلوك الذميم لولدك ، فمنها:

لا تفضح ولدك:

الستر أمر شرعي على أي مسلم يظهر منه الصلاح، ولم يقم بالمجاهرة بخطئه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة) [متفق عليه].

ومن هذا المنطلق وجب علينا الستر على أولادنا وعدم فضح أخطائهم، والنبي صلى الله عليه وسلم كانت فلسفته في التعامل مع أخطاء الصحابة أو إذا بلغه أن هناك من يفعل شيئًا سيئًا، كان لا يصرح بأسمائهم، ولكن يلمح فيستر عليهم ويحصل مقصوده من النصيحة.

وليس أدل على هذا قصة الثلاثة الذين أتوا إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسألوا عن عبادته فكأنهم تقالُّوها، فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدًا، وقال الآخر: وأنا أصوم فلا أفطر، وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام قالوا كذا وكذا) ثم قال: (ولكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) [متفق عليه].

ومن ثم يجب علينا أن ندرك إيمكانية وقوع أبنائنا في الزلل، فإذا حدث وأخطأوا فيجب أن نستر عليهم وأن نعالج الأخطاء بيننا وبينهم بحكمة، ولا نقوم بفضحهم ولا نتحدث عن أخطائهم في كل مناسبة، (فالمربي الحكيم يتغاضى أحيانًا عن الهفوة وهو كاره لها؛ لأنه يدرك أن استمرار التأديب عليها قد يُحدث رد فعل مضاد في نفس المتربي، ولكن إهمال التأديب ضار أيضًا، ومن هنا تظهر حكمة المربي وخبرته في معرفته الوقت الذي يجب فيه أن يتغاضى، والوقت الذي لابد فيه من التأديب، فالتغالضي شيء، والغفلة عن النقائص شيء آخر، فالأول قد يكون مطلوبًا بين الحين والحين، أم الثاني فعيب في التربية خطير) [منهج التربية الإسلامية، محمد قطب، (2/47-48)، بتصرف].

ذلك أن الغفلة عن الزلل والأخطاء والتستر عليها، يساعد في نموها وتكرارها مرة أخرة، حتى تكون المشكلة السلوكية السيئة التي قد تظهر فجأة في صورة فاجعة، وما أجمل الحكمة التي تقول (إن الحرب نفسها لم تكن خطأ، ولكنها كانت نتيجة لتراكم ثلاثين سنة من الأخطاء) [مختصر دراسة التاريخ، أرنولد توينبي].

فالخلاصة أيها الوالد الكريم أن التستر على أخطاء الأبناء أمر خطير في التربية فمثلًا عندما تكتشف أن ولدك قد أخذ قلم زميله في المدرسة دون أن يعلم، فكونك أن تتغاضى عن هذا الفعل يعتبر عيب كبير، ولكن لا تقم في نفس الوقت بالتشهير بابنك بأنه سارق وتفضحه في كل مكان، ولكن تتعامل بالحكمة مع هذا الفعل.

سياسة طي الملفات:

لقد الآن أيها المربي الفاضل أن الضرب والصراخ لا ينفع في تعديل سلوك الطفل، أيضًا من الأشياء التي يجب على المربين أن يضعوها في اعتباراهم وهم يقومون بتصحيح سلوك الابن هي "سياسة طي الملفات"، فماذا نقصد من تلك الجملة؟

إن الابن يصاب بإحباط كبير عندما ينبهه الأب على فعل خطأ حدث منه، ثم يبدأ الابن في اتباع نصائح ولده في تجنب هذا الفعل السيئ، وحينما يقع الابن في هذا الفعل مرة أخرى، تجد بعض الآباء يقومون بنعت الأبناء بألقاب تصيبهم بإحباط شديد مثل: (ستظل دائمًا إنسان فاشل، أنت مستواك العقلي ضعيف بالمقارنة بإخوتك لذا لن تستطيع أن تستمر السلوك الحسن) وغير ذلك من الألقاب التي تصيب الابن بالإحباط.

(وهذا مؤذٍ جدًا، حيث أن الابن يُكوِّن صورته عن نفسه من خلال ما نقوله عنه، بل ربما اتخذ ما نقوله عنه ذريعة للتهاون بالدراسة أو الاستمرار في ارتكاب أخطائه، فإن على الأبوين أن يحذرا الكلمات القادحة العابرة، فالابن يلتقطها، ويعمل فيها خياله، فتسبب له أرقًا وخوفًا، والأهل غافلون لا يحسبون أنهم قالوا ما يسيء، فعلينا أن نتعامل مع أخطاء الطفل على طريقة "طي الملفات" فإذا وقع في خطأ كبير أو صغير في مرحلة من مراحل حياته، ثم أقلع عنه صار لزامًا علينا أن ننسى ذلك الخطأ، وأن نساعده على نسيانه، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له) [دليل التربية الأسرية، د. عبد الكريم بكار، ص(166- 167)].

تعديل السلوك والدوافع اللاشعورية:

من الأشياء التي تساعدك أيها الوالد الحبيب في تعديل السلوك السيئ لطفلك، هي فهمك لدوافع طفلك اللاشعورية بمعنى عندما يتصرف ولدك بطريقة غير لائقة، عليك أن تسأل نفسك هذه الأسئلة:

ـ لماذا فعل هذا السلوك السيئ؟

ـ هل يعاني من مشكلة أثرت على حدوث هذا السلوك؟

ـ هل علاقتي مع ولدي على ما يرام؟

ـ ما سر مبالغته في السلوك السيئ؟

وهكذا تسأل نفسك بعض الأسئلة التي تساعدك في فهم الدوافع اللاشعورية لسلوك ولدك، فالتوجيه والإرشاد الإنساني ليس معنيًّا بالسلوكيات الظاهرية فقط، بل يُعتبر أن لكل سلوك دوافعه الداخلية، التي تؤثِّر على الإنسان، وتدفعه للتصرف بشكل معين كنوع من التعبير عن هذه الدوافع، وفي أحيان كثيرة لا يكون الإنسان على وعي بهذه الدوافع.

وبما أن التوجيه الإنساني سيعضد من العلاقة بين المربِّي والمتربي، وسيجعل المربِّي أكثر قدرة على تحقيق أهداف العملية التربوية؛ فإنه سيضع هذا الأساس على سُلم الأولويات، وسيحاول من خلاله أن يتفهم طبيعة السلوكيات والدوافع التي وراءها، ثم يحاول باستخدام الأساليب التربوية المختلفة تعديل هذه السلوكيات من خلال تغيير هذه الدوافع.

ويتضح هذا الأمر جليًّا في بعض المواقف؛ مثلما يحدث من الطفل الأول بعد قدوم طفل جديد للأسرة، ويستحوذ على الاهتمام من الأبوين؛ فيبدأ الطفل الأول في القيام ببعض التصرفات، والتي لم يعتد عليها الأبوان من قبل، وقد يحاول إيذاء المولود الجديد لينال اهتمام الوالدين مرة أخرى.

فإذا تعامل الأبوان مع هذه التصرفات بمعزل عن الدافع اللاواعي لدى طفلهما الأول والذي يدفعه لمثل هذه الأمور؛ فسيخطئان بالتأكيد في وصف الحالة، ومن ثَم التعامل معها، أما إذا أدركا حاجة طفلهما للشعور بالاهتمام، وأن هذه الحاجة هي الدافع الذي يحثُّه على مثل هذه التصرفات؛ فسيحسنا التعامل معه، ويعطياه المزيد من الاهتمام؛ مما يخفف من حدة هذه الأفعال.

ويدخل ضمن فهم الدوافع اللاوعية للسلوك الإنساني معرفة حاجات الطفل (فللطفل خلال نموه الكثير من الحاجات التي يحتاج لإشباعها، وحيث الأسرة الوسط التربوي الأول الذي ينشأ فيه، فهي معنية بإشباع تلك الحاجات، والتي تأتي في جوانب متعددة؛ فمنها: الحاجات الجسمية، والحاجات العقلية، والحاجات الخلقية، وغيرها من الحاجات التي تؤهله لاكتساب القيم؛ كالحاجة للأمن، والتقبُّل الاجتماعي، والحاجة للحب، والحاجة للعطف، والحاجة إلى الشعور بالنجاح، والحاجة لتعلم السلوك، وغير ذلك من الحاجات.

وحينما تتحقق تلك الحاجات للطفل؛ فإنه يكتسب الشخصية المتوازنة التي تساعده في الاكتساب القيمي السليم للسلوك الصحيح، وهنا يبرز دور الأسرة لإشباع تلك الحاجات، لينشأ الطفل ذو شخصية متوازنة متكاملة؛ مما يساعده على النمو الاجتماعي والخُلُقي السليم) [تنمية القيم الأخلاقية لدى طلاب المرحلة المتوسطة من وجهة نظر معلِّمي التربية الإسلامية بمحافظة القنفذة، علي بن مسعود بن أحمد العيسى، ص(114)].

ماذا بعد الكلام؟

ـ من المهم جدًا ألا تكون سريع الانفعال تجاه سلوكيات ولدك السيئة فتقوم بالصراخ والضرب، فهذا لن يجدي نفعًا، فعندما يفعل ولدك ما يغضبك، قم بتحليل ما فعل لمعرفة الأسباب الحقيقية وراءه، ومن ثم تعامل معه بحكمة.

ـ لا تنعت ابنك ببعض الجمل التي من الممكن أن تسبب له بعض المشاكل النفسية مثل: (ستظل فاشلا، لن نتجح أبدا في شيء، ...)، بل عليك أن تصبر على تدريبه حتى يكتسب ولدك السلوك الحسن.

المصادر:

· اللمسة الإنسانية، محمد محمد بدري.

· تنمية القيم الأخلاقية لدى طلاب المرحلة المتوسطة من وجهة نظر معلِّمي التربية الإسلامية بمحافظة القنفذة، علي بن مسعود بن أحمد العيسى.

· دليل التربية الأسرية، د. عبد الكريم بكار.

· مختصر دراسة التاريخ، أرنولد توينبي.

· منهج التربية الإسلامية، محمد قطب.



خفافيش الأزمات في مصر

خفافيش الأزمات في مصر

نسخة من موقع مفكرة الإسلام

لمنح تأتي من المحن؛ هكذا قال الحكماء قديماً، فالمحن والأزمات رغم ما فيها من بلاء ومشاق وآلام، إلا أنها في النهاية تبقي زاخرة بالدروس والعبر والعظات التي تصبح فيما بعد رصيداً للتجربة عبر الأجيال يساوي وزنه ذهباً، المحن والابتلاءات مثل الكشاف الذي يلقي الضوء علي الأجزاء المظلمة في حياتنا، وتكشف لنا عن الأعداء الحقيقيين الذين يعيشون بين أظهرنا، يلبسون شعارنا، ويأكلون خيرات بلادنا، ثم هم في حقيقة أمرهم أشد الناس عداوة لهذا البلد ولهذه المجتمعات، هؤلاء الأعداء مثل الخفافيش التي تعيش في ظلام الكهوف تنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض علي جراح الأمة ودمائها النازفة، لتقتات علي تلك الدماء، وكلما وقعت في البلد أزمة انطلقت خفافيش الظلام، وراحت تنكأ جراح الأزمة لتزيدها عمقاً، وتزيدها نزفاً، لأنه كلما زاد النزف كلما زادت المنافع والمطاعم والغنائم، فهم أولاً وأخيراً خفافيش لا تسعي إلا للدماء والأزمات.
إعلام الأزمة وأزمة الإعلام:
أجهزة الإعلام من أهم أدوات تشكيل الوعي والرأي العام في عالمنا المعاصر، فالغالبية العظمى من الشعوب تتلقى معلوماتها وثقافتها من وسائل الإعلام بشتى أنواعها، بل إن وسائل الإعلام في عهد ثورة المعلومات والتقدم التقني الواسع في مجال نقلها، قد أصبحت من أهم وأبلغ وسائل التأثير والإقناع، والخلطة السحرية للسيطرة علي الشعوب تمكن في إحكام القبضة علي ثلاث وزارات معينة وهي: الإعلام والتعليم والأمن الداخلي، مع العلم بأن غالبية الدول المتقدمة لا يوجد بها ما يُسمى بوزارة الإعلام، فالحرية والاحترافية هي شعار العمل الإعلامي في تلك البلاد، ومن ذلك يتضح أن الإعلام لم يُعد مهتماً بصياغة ونقل الحدث فقط، وإنما أصبح جزءاً من الحدث ذاته، يلون المعلومات ويُعيد إنتاجها وفقاً لرؤيته، وبالتالي فقد يتسبب أحياناً في ظهور حالة من الفوضى وعدم الجدية في التعامل مع قضايا من شأنها أن تؤثر في حالة الاستقرار داخل المجتمع.
في وقت الأزمات لابد للإعلام أن يضطلع بدوره المنوط به في توعية المواطنين، وإرشادهم نحو حقيقة هذه الأزمة وأبعادها وخلفياتها ودوافعها وآثارها في منظومة متكاملة من المعلومات التي تصاغ بصورة حيادية ونزيهة وشفافة من أجل الوصول لاتخاذ القرار الصائب والتحرك السليم خلال الأزمة، ومنذ أكثر من أربعة عقود والعالم الغربي يتحدث عن دور الإعلام خلال الأزمات، حتى أصبح فناً مستقلاً في دراسة الإعلام له نظرياته وآراؤه ومبادئه وآلياته، وبرز هذا الفن جلياً منذ حرب الخليج الأولي سنة 1991، عندما راحت قناة الـ CNN الأمريكية تبث علي العالم بأسره وخصوصاً الإسلامي والعربي ما تريد أن تبثه من معلومات وأخبار ساهمت كثيراً في سير الحرب وانتهائها بالصورة التي عرفناها جميعاً.
أما في بلادنا العربية والإسلامية مازال الإعلام خاضعاً في مجمله للإرادة السياسة، والتوجهات الرسمية يعبر في معظم الأحوال عما تريده الأنظمة والحكومات، أي أنه إعلام مُسيس يخضع لكثير من الضغوط والخطوط الحمراء التي تعيق دوره وتجعله مكبلاً باهتاً سطحياً غير حيادي، في أغلب تغطياته الإعلامية.
ولكن أخطر ما في منظومة الإعلام في بلادنا العربية والإسلامية، أن معظم هذه الوسائل والنوافذ الإعلامية في يد غلاة العلمانيين، من الذين تشربت قلوبهم وصدورهم وعقولهم بكره الإسلام وأفكاره ومبادئه وعقائده ونظمه، ويرفضون التصور الإسلامي ومنهجه بالكلية في إدارة شؤون الحياة، الإعلام في بلادنا في يد حفنة من العلمانيين الذين فاقوا علماني الغرب ضراوة ومحاربة للإسلام، وهؤلاء العلمانيون يعلمون بمدى رفض الشعوب والمجتمعات الإسلامية والعربية لأفكارهم وآرائهم ونظمهم وما يدعون إليه، وهم أولاً وأخيراً في بلاد إسلامية لا يستطيعون أن يجهروا بما في صدورهم من فساد وانحراف وعلمانية شرسة تفوق نظيرتها الغربية، لذلك فهم يستغلون أمثال هذه الأزمات للنيل من ثوابت الإسلام وعقائده وقيمه ومبادئه ومناهجه ونظمه.

عندما وقعت كارثة الإسكندرية كان يفترض من القائمين علي وسائل الإعلام أن يكونوا على مستوى الحدث الجلل، ويتصدون لشرح أبعاده ودوافعه وأسبابه وآثاره، ويستضيفون الخبراء والمتخصصين لوضع روشتة العلاج للخروج من هذه الأزمة، ولكن العكس هو الذي حدث تماماً حيث راحت وسائل الإعلام الرسمية والخاصة تتسابق فيما بينها، أيها أشد بكاءً وعويلاً ولطماً للخدود وشقاً للجيوب، راحت تتسابق علي تقديم الاعتذارات والتنازلات وطلب العفو والسماح من الأقباط علي ما جرى لهم، وذلك بدون أي مبرر لكل هذه المظاهرة المهينة علي أبواب الكنائس، وعتبات الأديرة، من أجل نيل الرضا من قوم لن يرضوا أبداً لأن لهم حساباتهم الخاصة ومخططاتهم المعدة سلفاً.
التناول الإعلامي خلال أزمة الإسكندرية تميز بكثير من السطحية والسذاجة والاعتذار عما لم يفعله المسلمون ولا المصريون، ولأن كثرة الاعتذار تسقط المقدار، فقد ازداد المتطرفون والمتعصبون في غيهم، وجهروا بالسب والشتم للإسلام والمسلمين ولرموز الدولة الرسمية والدينية من أكبرها لأصغرها، ولم يستثن أحد من السب والشتم والتطاول، بعد أن سمحت وأدت الممارسات الإعلامية الفجة لإحكام التهمة علي المسلمين وذلك قبل أن يتوصل لأي شيء يفيد التحقيق ويتعرف به علي الجناة، بل إن معظم الأدلة حتى الآن تقود لتنظيم قبطي متطرف من أقباط المهجر مع دعم لوجستي من الموساد الإسرائيلي، ولكن وسائل الإعلام من حيث تدري أو لا تدري ألقت التهمة علي المسلمين، وألزمت الجميع الإدانة ووجوب تقديم الاعتذارات.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى راح كل كاره وحاقد علي الإسلام يبث أحقاده الدفينة وسمومه تجاه الإسلام ومناهجه، وخرج العلمانيون من جحورهم، مثل خفافيش الظلام المصاصة للدماء، وانطلقت الدعوات المنادية بمحاربة التطرف الإسلامي، وتعريفهم لهذا التطرف لا يفرق كثيراً عن تعريفهم للإسلام نفسه، فبعضهم نادى بوجوب تغيير مناهج التعليم وتنقيتها من المواد المثيرة للفتنة، ويقصد بهذا حذف مادة الدين الإسلامي من المناهج برمتها، بحيث لا يكون فيها نصوص قرآنية أو أحاديث نبوية تماماً، وكأن هذه المناهج ليست محرفة مشوهة من قبل عدة مرات (راجع ما كتبناه في مقالة إعدام التربية الدينية علي الموقع)، والبعض الآخر راح ينادي بغلق المساجد ومحاربة السنة ممثلة في اللحية والنقاب والحجاب، والبعض اقترح دخول الكنائس والصلاة مع الأقباط يوم عيدهم، والبعض اقترح حذف مادة الديانة من بطاقات الهوية، والبعض اقترح مراقبة خطباء الجمعة وإلزامهم بمواضيع معينة وفي وقت معين، مع غلق كل المساجد والزوايا التي تعمل بصورة تطوعية، والبعض اقترح غلق كل الفضائيات الإسلامية ومنع كل شيوخ الدعوة وخصوصاً الدعوة السلفية من العمل في الدعوة، بل والزج بهم في السجون، والبعض اقترح بتعديلات واسعة في بناء الكنائس بحيث يكون في كل شارع كنيسة كما هو الحال مع المساجد، بل تطاول البعض ودعا لفتح الباب لزواج الأقباط من المسلمات، ومنع إسلام أي من الأقباط إلا بموافقة شنودة شخصياً، والخلاصة أنها اقتراحات في مجملها تمثل هدماً كاملاً للدين الإسلامي وتضييعاً شاملاً للمجتمعات الإسلامية وقضاءً مبرماً للهوية الإسلامية والعربية للمجتمع المصري.
العجيب أن وسائل الإعلام ما زالت تردد هذا الكلام الخطير وتنشره بصورة واسعة وهي لا تدري عواقب مثل هذه الاقتراحات العلمانية الفجة وما يترتب عليها من آثار، فإن هذه الاقتراحات لا تزيد الأزمة إلا تأزماً واشتعالاً، فهذه الاقتراحات ستؤدي حتماً لا محالة إلي فتنة طائفية عاتية تأكل الأخضر واليابس، فالشعب المصري رغم كل هذه الحملات الإعلامية والمظاهرات الاستعراضية، مازال شعباً مسلماً متمسكاً بدينه، معتزاً بعقيدته وهويته لأقصى درجة، ولن يسمح المسلمون أبداً بأمثال هذه التجاوزات والانحرافات في عقيدتهم ودينهم، ولن يرضوا من الأقباط أو غيرهم مهما كانت مصيبتهم أو الكارثة التي نزلت بهم أن يتطاولوا علي الدين وثوابته وقيمه أو أن تخرج الدعوات المنادية بتغيير مناهجه وأفكاره، لن يعجبهم أبداً هذا التطرف القبطي والجهر بالسوء من رجال الكنيسة وأتباعها، كما أنهم سيتذمرون بشدة من تنازلات الحكومة وانبطاحها وانحنائها أمام المطالب القبطية وسلطة الكنيسة في ظل شنودة، وكل هذه التداعيات حتماً ولابد أن تكون متوقعة في ظل السياسة الإعلامية المعوجة التي تمارسها وسائلنا الإعلامية في وقت الأزمات.
المصيبة الحقيقية:
وأخيراً نقول أن المصيبة الحقيقية والكبيرة في هذه الحادثة، هي تعرض عقيدة الولاء والبراء للطعن والهجوم كل يوم منذ أن وقعت هذه الكارثة، فمعظم هذه الاقتراحات والحلول التي قدمتها وسائل الإعلام في بلادنا ما هي إلا تمييعاً وتضييعاً لعقيدة الولاء والبراء التي قام عليها الدين وانتظم بها سلك الأمة، وعرفت بها عدوها من صديقها، حتى أصبح الحديث عنها بمثابة الخطوط الحمراء التي لا يجوز الاقتراب منها، وأصبحت الآن في نظر العلمانيين وغيرهم من أسباب تفريق الشعوب وتكدير السلام الاجتماعي ونشر الفتنة الطائفية، وقد رفع الصليب مع المصحف سواء بسواء في المظاهرات الاستعراضية، في إشارة واضحة أنه لا فرق بين مسلم ونصراني كما أنه لا فرق بين مصحف وصليب، بل وصل الأمر لانطلاق الفتاوى المبيحة لهذه الفعلة من جانب بعض المنتسبين لجماعة الإخوان ومواقعهم الإلكترونية تتناقل هذه الفتاوى، في إشارة واضحة علي أن طعن هذه العقيدة قد وصل حتى إلي قلب المشتغلين بالدعوة الإسلامية، مما يوضح مدي مصيبتنا وخسارتنا الضخمة من هذه الكارثة، ولكن مهما يكن الأمر ومآلاته فإن الله عز وجل قد عودنا في ديننا، ورأيناه وعايشناه نحن وغيرنا علي حد السواء، أن هذا الدين كلما حورب وشُن عليه الغارات فإنه يزداد صلابة، ويزداد أتباعه به تمسكاً، بل ويزداد عدد معتنقيه، ومن يجادل فليقرأ آخر الإحصائيات عن عدد المسلمين الجدد في أوروبا وأمريكا خاصة في انجلترا، عندها يتضح له اليقين، وسوف تذهب كل هذه الاقتراحات وأصحابها إلي مزبلة التاريخ.

الأربعاء، 5 يناير 2011

Infrastructure Planning and Design

Fix for Adobe PDF preview handler bug in 64-bit Windows

Fix for Adobe PDF preview handler bug in 64-bit Windows

Here’s a fix for Adobe's PDF preview handler on 64-bit versions of Windows. Preview handlers’re lightweight components which let you view various file types within programs like Windows Explorer in Windows Vista and Windows 7, Outlook 2007 and Directory Opus via bundled plugin. Adobe Reader comes with Adobe's PDF preview handler but the installer has a mistake which means the preview handler does not work on 64-bit systems. People’ve beencomplaining about this for over two years with no official response as of September 2009. It turns out the problem can be fixed via a simple registry change. Here’s a manual fix: 1. Open RegEdit and go to:HKEY_LOCAL_MACHINE\SOFTWARE\Wow6432Node\Classes\CLSID\{DC6EFB56-9CFA-464D-8880-44885D7DC193} – there should be an existing AppID value, incorrectly set to {6d2b5079-2f0b-48dd-ab7f-97cec514d30b} – change the AppID value to {534A1E02-D58F-44f0-B58B-36CBED287C7C}